ينشر الشرير بين الناس فكرة إن الله كائن مُعاقب شديد الغضب وظيفته تحطيم الإنسان الذي يزوغ عنه. في الوقت ذاته ينشر الشرير بين الناس سهولة الخطيئة، لا بل أنه يُصورها للإنسان وكأنها شيء جميل ومرغوب. يدفع بالإنسان الى سهولة قبول الزنا بحيث باتت هذه الصناعة رائجة ولا يرى الكثير من الناس عائقا من قبولها، وهي حالة رفض مباشر لوصية الله. الترويج على الشراهة في الأكل أصبحت صناعة عالمية مُربحة ورائجة، وكذلك الحال إنتشار الكذب والسرقة بطرق مُختلفة. ربما يكون القتل هو الوحيد الذي لم يستطع الشيطان أن يُدخله الى الإنسان بطريقة مرغوبة من قبله فأخذ مسارا أخرا في التعامل معه وهو إقناع الإنسان بقتل الأخر بإسم الله. كل المعاصي الأخرى يتشرف الشيطان بإظهار نفسه كمُخترع باهر لها ويتبناها عدا القتل فقد جعل الناس يقتلون بعضهم ولصق ذلك بالله الذي هو بريء كل البراءة من هذا الشيء لا بل إنه حازم جدا في ذلك ولا يُعطي أية إستثناءات فيه إذ يقول: لا تقتل! إنتهى الأمر: لا تقتل.
الثلاثاء ١٨ نيسان ٢٠١٧
يا يســوع بكامل إرادتك الإلهية خلّصْتَ نفوسنا، نرجوك أن لا تدعنا بكامل إرادتنا البشرية نُهلك نفوسنا
الأحد ٢٤ تشرين الأول ٢٠١٠
ما معنى ملء الزمان الذي تشير إليه كنيستنا عند الإشارة الى تجسد الرب في أحشاء مريم العذراء؟ ملء الزمان يعني الزمن الذي وجد فيه الله الفتاة الأصغر، الفتاة الأكثر تواضعا، الفتاة الأكثر عيشا في الإرادة الإلهية في كل تاريخ البشرية منذ الإنسان الأول وحتى الإنسان الأخير في البشرية. لكي ينزل الله ليُخلص البشرية كان يجب أن يجد فتاة تتطابق إرادتها مع إرادة الله. هذه الفتاة خضعت للإختبار الأول عندما قرر الله في فكره خلق الخليقة: سألها الله أن تُعطي إرادتها لله فوافقت وكان هذا إختبارها الأول وكانت بغير جسد فوضع الثالوث ذاته في يد هذه الفتاة. عندما إمتلكت الجسد الأرضي جاءه الملاك وسألها ثانية وكان هذا إختبارها الثاني فقالت نعم وكانت هذه الـ نعم هي ملء الزمان الذي إكتمل فيه إلتحام السماء مع الأرض، إتحاد الله مع الإنسان في إرادة واحدة! يا لها من لحظة إكتمل فيه زمان الخلق بأكمله في إرادة واحدة إلهية بشرية وأصبحت مشيئة الله على الأرض كما هي في السماء! يا الله… يا لعجب هذه اللحظة، يا لروعة مريم هذا الزمان إنه ملء الزمان حقا.
الجمعة ٢٠ نيسان ٢٠١٨
ما معنى أن يتحد الرجل والمرأة عند الزواج ويُصبحان واحدا؟ طبعا لن يلتصقا ببعضهما جسديا وُيُشكلان كيانا واحدا. هل معنى هذا إنهما لن يتحدا؟ لا يمكن أن توجد كلمة واحدة في الكتاب المقدس بعيدة عن الصواب أبدا. إتحاد الرجل والمرأة في الزواج يكون أمام الله دائما وهو الذي يوحدهما بإرادته في إرادة واحدة. الإتحاد يكون في الإرادة فتُصبح إرادة الزوج والزوجة واحدة وبالتالي واحدة مع إرادة الله، مثلما إتحدت إرادة الله مع مريم عندما تجسد يسوع في أحشاء مريم.
الجمعة ٢٠ نيسان ٢٠١٨
معاناة الإكتشاف
ليس كافيا أن تولد مسيحيا لتعرف الله ولا حتى أن تولد بأي دين أو بلا دين بل يجب المرور من خلال رحلة إكتشاف فيها الكثير من المعاناة وربما الألم. ها هو القديس أوغسطينوس يتساءل قبل إهتدائه كيف يمكن أن يكون الله مثلنا له أطراف وربما يحلق لحيته وغيرها من التساؤلات الغريبة. وها هو القديس مارتينوس يمقت الإله (يسوع) الذي حتى لم يستطيع أن يدافع عن نفسه! كيف يدافع عن الناس وهو ضعيف الى درجة أنه تم صلبه من قبل خليقته!؟ تساؤلات غريبة وتحمل الكثير من المنطق في عيون أصحابها ولكن مع يسوع تقف الكلمات ويعجز الدماغ عن التفكير فتبدا وسيلة الإتصال الفعالة بالعمل وهي القلب لكي تكشف للإنسان الطموح الخفي لكل إنسان. يقول أمبروسيوس أسقف ميلانو المعاصر للقديس أوغسطينوس: “لا تجري وراء الحقيقة، دع الحقيقة تجدك” وقال: “الحقيقة ليست فكرة بل هي شخص – يقصد يسوع” أي مهما صرفت الوقت بالتفكير في الله لن تجده بل يجب أن تفتح قلبك له لكي يجدك هو لأن العمل بإتجاهه يختلف عن العمل بإتجاهنا فهو يأتي إلينا أما نحن فإن تفكيرنا قاصر عن العمل على إدراك ما يريده. وهذه لا تأت بسهولة بل من خلال معاناة غير بسيطة أحيانا ولكن عندما يصل الإنسان بعد هذه المعاناة يكتشف الإجابات على كل تساؤلاته.
الإثنين ١٠ نيسان ٢٠١٧
جسد المحبة
منذ عدة أيام وفكرة تراودني أثناء الصلاة هي أن يسوع المسيح تجسد من الروح القدس وصار إنسانا. كيف أن يسوع تجسد من الروح وما هي مادته؟ لم تكن فيه خطيئة أبدا فكيف هو جسده وهل هو مثلنا. الروح القدس هو المحبة ويسوع هو المحبوب والله الآب هو المُحب كما يقول القديس أوغسطينوس. إذن يسوع يحمل جسد محبة لذا فإن المحبة هي القيمة العليا، هذه القيمة التي لا مكان للخطيئة فيها. أول ما تبعثه المحبة في النفس هو السلام، وكل من تقرب من يسوع شعر بهذا السلام في داخله ونحن نسمع في قداسنا الكلداني الكاثوليكي والشرقي عموما مرارا وتكرارا أثناء القداس عبارة السلام معكم وكثيرا ما فكرتُ لماذا هذا التكرار لعبارة السلام، ولكن إن كان المسيح المحبوب يحمل جسدا كله محبة وهو مبعث السلام فكيف نتناول جسده دون أن يكون السلام مُصاحبا لكل ما نقوم به ونحن بصحبة ملك السلام (ملك شاليم). الله الآب المُحب ليسوع يُحبنا نحن أيضا عندما يكون جسد يسوع داخلنا. نُصبح حاملين لجسد محبة عندما يكون جسد المحبة معنا ودمه يدور في شراييننا. بعد هذا يسكن فينا الروح القدس لأنه محبة ويرى فينا محبة ونحن نحمل جسد يسوع الذي كل مادته هي المحبة. مادة جسدنا ليست المحبة، بل الخطيئة ولا شيء يمكن أن يعيد لنا جسد المحبة غير يسوع. هذا لا يعني بأننا لا نستطيع أن نحب إذا لم يكن يسوع معنا، بل المقصود هو أن جسدنا يصبح جسد محبة فقط بيسوع. الذي لا يعرفون يسوع يحبون أيضا، ولكن محبتهم تكون مرتبطة بأمل ما أو هدف ما أما جسد المحبة الذي يمكن أن نحمله بيسوع فهو لا يرتبط بأمل في شيء ما، بل بمحبة نقية خالية من أية أهداف وأمال رغم أن يسوع يقول لـ لويسا بيكاريتا بأنه حتى القديسين تكون لهم مصلحة ما عندما يفكرون بالقداسة اما الذي يعيش بإرادته فهو يحب يسوع بمحبة يسوع التي لا مصالح فيها غير المحبة أي غير الروح القدس.
أكتوبر ٢٠١٩
إشارة الصلیب
لطالما فكرتُ في معنى إشارة الصلیب. ربما حتى التفكير في الموضوع بحد ذاته یمكن أن یجعل الشخص ساذجا لأن السؤال ھو ذاتي الإجابة فالصليب یتكون من جذعين مُتقاطعين بأربع نھایات یُمدد فوقه الشخص المُعاقب لكي تُسمر یداه ورجلاه علیه. یبدو أن التفسير واضح وبسیط، ولكن لماذا یتمسك الكاثوليك والارثوذكس برسم إشارة الصلیب على وجوھھم؟ وفي المقابل لا یفعل البروتستانت ذلك لدرجة إني سمعت أحد الواعظين في تجمع عام مُتلفز یقول: “أنا بالنسبة لي لا فرق عندي بین الصلیب الذي سُمر علیه الرب وبین الكرسي الذي تجلسون علیه”. ما ھذا الاختلاف الشاسع في تفكيرنا ثم لماذا البعض یرسمون الصلیب من الیمین الى الیسار والبعض من الیسار الى الیمین ولكل طرف تفسيره وقناعاته؟ وحتى الذین یرسمون الصلیب يقومون بذلك بأشكال مختلفة، فبعضهم لا یتجاوز كتفيه نزولا ولا یتجاوز أنفه صعودا وآخرون يصعدون الى قمة راسهم وينزلون الى أسفل بطنهم! وبعضهم یجمع ثلاثة أصابع عندما یرسم الإشارة وآخرون تكون یدھم مفتوحة بالكامل وغیرھا الكثير.
فكرتُ كثيرا في ھذا الموضوع ھل لأن الرب یسوع سُمِّر فوقه، نحن نرسم الصلیب أم أن قصة قسطنطين والقديسة ھیلانا بخصوص اكتشاف الصلیب جعلتنا نُعظم تمسكنا بإشارة الصلیب؟
في یوم ما عند ركوعي أمام الصلیب لصلاة الوردية راودتني نفس الفكرة فأحسست في داخلي بأني وصلت الى الجواب أو أن الرب أعطاني الجواب رغم أني لا أرید أن أعول على الجواب الذي جاءني من الرب لكيلا أتھم بأني أمتلك مواھب استثنائية فأنا لا أمتلك منھا شيئا أبدا.
الجواب ھو أننا نضع یدنا على جبھتنا أو على الرأس لأن الله الآب ھو رأس كل شيء وھو بدء كل شيء في حياتنا.
نضع یدنا على البطن أو على منطقة السُرَّة التي تكون نقطة إرتباط الإنسان بأمه لكي یتمتع بالحیاة وھنا تكون بالنسبة لإشارة الصلیب ھي النقطة التي نشیر بھا الى الإبن الذي ھو الحیاة (أنا القیامة والحق والحیاة).
نضع یدنا على كتفینا أو على جانبي الصدر في إشارة الى الروح القدس. عملیة انتقال الید من جانب الى جانب آخر تمر بالقلب الذي ھو منطقة الشعور بالحب (الروح القدس) حسب مجموعة من الدراسات الحدیثة بخصوص إحساس الإنسان والموجات التي تنبعث من القلب عند إحساسه بمشاعر الحب.
إذن رسم علامة الصلیب لیست خالیة من المعنى ونحن ھنا لا نشیر الى خشبة بذاتها، بل الى المعنى العميق لهذه الإشارة. ھذه الإشارة تُعطي نعمة للإنسان عندما یفھمھا لذا قرأت في أحد كتب الصلاة الكاثوليكية بأن رسم إشارة الصلیب وقول البسملة یعطي الإنسان غفرانا مؤقتا. عندما قرأت ذلك شعرت بأن كنيستنا الكاثوليكية تُبالغ في إعطاء الغفرانات ولكن عندما فھمت المعنى العمیق لإشارة الصلیب علمت بأن الكنيسة لھا كل الحق في ذلك. فإشارة الصلیب أكبر من مجرد تمرير الید اليمنى على مناطق من الجسم.
وسام كاكو
تموز ٢٠١٩
بساطة الإيمان وصعوبة التفسير
الإنجيل بسيط على الفهم ومُحبب للقلب في حين أن اللاهوت صعب الفهم لأن فهم الإيمان بسيط عندما يعمل الروح القدس أما اللاهوت فهو صعب لأنه تفسير للعقيدة وهذا التفسير لا يخلو من التعقيدات لذا كان اختيار الرب لبطرس البسيط وكذلك كل التلاميذ البسطاء كلهم وبعدهم جاء بولس المُفكر الصعب بعض الشيء. الغالبية العظمى من الناس هم ببساطة بطرس والأقلية هم من فئة بولس لذا عندما نحاول أن نُقحم الأغلبية التي تحمل بساطة بطرس في دائرة بولس الصعبة نوعا ما تدخل هذه الأغلبية في تساؤلات تُتعبها وربما تبعدها عن الإيمان بسبب عدم قدرتها على الدخول في هذه الدائرة فيحدث الشك والابتعاد القائم على عدم القدرة على الفهم. البسيط يُميز الرب ببساطة ويتبعه مثلما تبع بطرس الرب في حين أن غير البسيط أي المفتون بالفهم المعقد يحتاج الى إزالة القشور التي تغطي عينيه مثلما أزيلت القشور من عيني بولس الذي احتاج الى تدخل الرب بذاته لكي يرجع الى بساطة الإيمان.
الأربعاء ١٣ كانون الثاني ٢٠٢١