أنشر اليوم ضمن خانة كتب الإرادة الإلهية المجلد الثالث عشر، ومع ترجمة كل مجلد جديد تتفاعل أفكارٌ مختلفة داخل فكري فأجد بعضها صالحة للكتابة والنشر وبعضها أتركها دون نشر الى أن يحين وقتها، فأقوم بنشر الصالح منها بشكل شديد الاختصار مراعاة لوقت القاريء الكريم.
من بين ما فكرتُ به خلال ترجمة هذا المجلد هي فكرة العيش في الإرادة الإلهية، فالعيش في الإرادة الإلهية لا يجعل الله دكتاتورا ونحن ضحايا، بل يجعلنا نحن أسيادا مع الله، هو يرفع قدرنا الى مصاف التحكم في كل شيء حتى في الطبيعة ذاتها، وتكون السعادة الدائمة هي مقياس حياتنا فمتى ما رأينا كاهنا عابسا أو زوجا مُكتئبا أو إنسانا حزينا نعلم أن هذا الإنسان لا يعيش في الإرادة الإلهية لأن البؤس والحزن والكآبة ليس لها وجود في الإرادة الإلهية.
كثيرا ما أسمع الأجانب ينتقدوننا على كثرة استعمال عبارة “إن شاء الله” في حديثنا ويقولون بأن الفرد هو الذي يشاء وإن الله يعمل معه لتنفيذ ما يريد. هذا مثال على سوء فهم موضوع العيش في الإرادة الإلهية. إنْ كانت عبارة “إن شاء الله” تعني الإستسلام السلبي لله فهذا يعني أننا أصبحنا ضحايا والله دكتاتورا؛ وإنْ كانت العبارة تعني تنفيذ رغبة لنا على حساب إرادة الله وجرّ الله الى ما نريد ونقلصه الى رغبة لنا، فهذا يعني أننا أصبحنا الأسياد والله عبدا لنا وهذا لا يمكن بأي حال من الأحوال. إذا كانت العبارة تعني أن نؤدي دورا أو فعلا في حياتنا بمشيئة الله فهذا هو المطلوب، ولكن ما هو القياس لنعرف؟
القياس البسيط هو أن نسأل أنفسنا سؤالا واحدا فقط وهو: “إنْ كان الله هو الذي يقوم بهذا الفعل هل كان سيقوم به مثلما أنا أقوم به؟” إن كان الجواب نعم فهذا يكون في إرادة الله وإن كان غير ذلك فهو ليس بإرادته. لنأخذ أمثلة افتراضية من حياتنا: الذي يأكل بشراهة، الذي يأخذ ما ليس له، الذي يثرثر بالكلام، الذي يضرب زوجته، الذي يقتل، الذي يشهد زورا، الذي لا يعتني بمحتاج… إلخ؛ لو سأل كل أولئك أنفسهم قبل أن يفعلوا ذلك، السؤال السابق: “إنْ كان الله هو الذي يقوم بهذا الفعل هل كان سيقوم به مثلما أنا أقوم به؟” إن إجاب على نفسه بنعم فهو بالتأكيد لا يعيش في إرادة الله وإن أجاب بـ لا يكون أمام خيارين: لا يفعل ذلك فيكون بذلك قد شعر بعمل الإرادة الإلهية فيه، أو أن يفعل ذلك بعد أن يجد تبريرا فوريا في داخله فيُقدم على العمل وهو مُناقض لإرادة الله فيعبر من أمام المحتاج ولا يحن قلبه عليه، يشهد زورا وهو يضحك، يضرب زوجته وهو يشبع سيادته المريضة، يسرق وهو يقول: لا بأس فهذا لديه الكثير ولا يهمه مبلغ السرقة ، يلبس ملابس غير لائقة ويقول بأن الكل يفعل ذلك … إلخ. يمكن أن نجد تطبيقات حياتية كثيرة ومُتنوعة تجعلنا نفهم كيفية العيش في الإرادة الإلهية لا سيما إذا ما قرأنا ما شرحه الرب لنا من خلال كتابات الإرادة الإلهية هذه
يقول يسوع لـ لويسا يوم ١ أيار ١٩٢١: “في النفس التي تعيش في إرادتي أسمعُ صدى قوتي، ومحبتي، وقداستي؛ في كل أعمالي أسمع صدى عملها
أتمنى أن يتمكن القاريء الكريم بعد قراءته وتمعنه بهذا المجلد أن يجعل يسوع يسمع صدى قوته ومحبته وقداسته فيه